الشخص السمعي البصري الحسي

البرمجة اللغوية العصبية والنظام التمثيلي للأشخاص


سنتناول في هذه المقالة أهم تقنية من تقنيات البرمجة اللغوية العصبية وهي النظام التمثيلي للأشخاص.
فما هو هذا النظام؟ وكيف يمكن أن نعرّف النظام التمثيلي للشخص؟ وما هي الفائدة من اكتشافه؟ ومن هو الشخص البصري؟ والشخص السمعي؟ والشخص الحسي؟ وماهي ميزات كل منهم؟ والكلمات التي يستخدمونها؟ وكيف نتعامل مع هذه الأنماط من الأشخاص؟

هذه الأسئلة وغيرها سوف يتم الإجابة عليها من خلال هذه المقالة.

مقدمة:

يعتمد جميع البشر على حواسهم الخمس في جمع المعلومات عن العالم الخارجي، حيث توجد مستقبلات حسية ذات علاقة بالحواس الخمس، متعددة في أجسامهم تتولى جمع المعلومات، ومن ثم نقلها بواسطة الأعصاب، فجميع الخبرات والتجارب ناتجة عما يراه الأشخاص، ويسمعونه، ويلمسونه، ويتذوقونه.
ومن جهة أخرى يتواصل البشر مع بعضهم البعض تواصلاً غير لفظي طوال الوقت، سواء أرادوا ذلك أم لا، فجميع البشر خبراء في هذا المجال، وسمي هذا التواصل بذلك لأن الرسالة الاتصالية غالباً ما تفهم من قبل المستلم اعتماداً على تعبيرات وجهه، أو طبيعة جلوسه، أو وقوفه، أو من خلال نبرة صوته، أو حركة جسده، أو إشاراته، أو إيماءاته، حيث ينظر إلى الإنسان من خلال تقسيم منطقي يفهم المرء من خلاله ذاته، وكذلك الآخرين. ويطلق على هذا التقسيم النظام التمثيلي الذي يعتمد بشكل كبير على الحواس الخمس، حيث تشير البرمجة اللغوية العصبية إلى هذه الحواس على أنها النظام التمثيلي، وعند تحليل مهارات شخص ما سوف نجد أنها تعمل بواسطة تطور وتسلسل هذا النظام التمثيلي.
وفي القرآن الكريم نجد أن آيات الله عز وجل تشرح وبشكل واضح طرق استقبال المعلومات لدى البشر جميعاً من العالم الخارجي وترتبها ترتيباً بديعاً، وقد بدا واضحاً تتابع منافذ الإدراك في القرآن الكريم التي تبرز الحواس الرئيسة، والتي تقوم بإدخال المعلومات إلى داخلنا وتخزينها ثم استدعائها متى احتجنا إليها، ويلاحظ أن ذكر السمع قبل البصر في القرآن يكاد يكون قاعدة مطردة، حيث قال الله تعالى:

وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ. (78 - سورة المؤمنون)

قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (23 - سورة الملك)

وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السمع والبصر والفؤاد كُلُّ أولئك كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (36- سورة الإسراء)
حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. (20 - سورة فصلت)


تعريف النظام التمثيلي:

النظام التمثيلي للأشخاص

نشأ وتطور النظام التمثيلي مع نشأة وتطور البرمجة اللغوية العصبية، فهو تقنية من تقنياتها المتعددة التي ظهرت مع ظهورها في منتصف السبعينيات من القرن العشرين على يد كل من العالمين الأمريكيين "ريتشارد باندلر "الذي كان طالباً يدرس الرياضيات، و"جون جريندر" أستاذ اللغويات في جامعة كاليفورنيا.

يعرف التمثيل بأنه: "عملية خزن المعلومات المستخلصة من الحواس في الذهن، والنظام التمثيلي هو كيفية ترميز المعلومات وخزنها في الذهن بعد استلامها من الحواس الخمسة التي نقلتها بدورها من العالم الخارجي، وهي تخزن في ذهن الإنسان لتستدعى في الطريقة نفسها ولتمثيلها أو خزنها وهي تخزن على ثلاث أنواع أو أنماط أو نظم بحسب البرمجة اللغوية النفسية: البصري والسمعي والحسي. 

ويعرف أيضاً النظام التمثيلي بأنه: "هو الكيفيات الحسية (الحواس الخمس) البصرية والسمعية والحركية والشمية والذوقية، التي من خلالها يقوم العقل البشري بالتعبير عن الذكريات والأفراد".

 كما يعرف النظام التمثيلي بأنه: "الإحساس المتولد عن كل حاسة من هذه الحواس الخمس نمطاً خاصاً للإدراك، فالإدراك الناتج عن رؤية شيء هو النمط الصوري نسبة إلى الصورة، والإدراك الناتج عن سماع صوت هو النمط السمعي، والإدراك الناتج عن الإحساس بشيء هو النمط الحسي، والإدراك المتكامل تشترك فيه الأنماط الإدراكية الثلاثة معاً".

هل يمكن أن يكون للشخص الواحد أكثر من نظام تمثيلي واحد؟

النظام التمثيلي للأشخاص


  لكل فرد نظاماً قائداً خاصاً به، وأن الأنظمة التمثيلية الثلاثة توجد عند كل شخص، ولكن بنسب متفاوتة وعندما نقول على شخص ما بأنه إنسان بصري فهذا يعني أنه يغلب عليه النظام البصري بنسبة كبيرة مع وجود النظامين الآخرين (الحسي والسمعي) ولكن بنسبة أقل، والسبب في ذلك هو أن لكل منا حاسة مفضلة لديه، يرى العالم من خلالها بصورة أكثر من غيرها من الحواس .. فمنا من يرى صوراً أكثر من الأصوات، أو أصواتً تغلب على الإحساس ... إلخ. وهذا الاختلاف في إدراكنا للعالم يفيدنا كثيراً في تنوع وتعدد وجهات النظر والمفاهيم والإبداعات، مما يضفي على حياتنا تكاملاً وتناغماً جميلاً وتميزاً فريداً لكل شخص ويمكن القول أنه يوجد لكل شخص نظام تمثيلي أولي، بمعنى أن هناك نظام غالب لشخص ما يستقبل به المعلومات ويحللها داخلياً وخارجياً في اتصاله بالأخرين فأما أن يكون بصرياً أو سمعياً أو حسياً.

كما يمكن أن تضافر الأنظمة لدى الشخص الواحد أي التزامن بين نظامين تمثيليين في جملة واحدة أو تعبير واحد، وتستخدم تجارياً في الاعلانات ويستخدمها الأدباء والشعراء فتحدث تأثيراً قوياً.

ويمكن أيضاً التنقل بين الأنظمة أي استخدام الشخص أكثر من نظام تمثيلي والتنقل بينها مما يعطيه قدرة  تأثير وإقناع ويمنحه مرونة عالية في الاتصال بالآخرين وهو شكل من أشكال  المطابقة والمجاراة. 
ومن الجدير ذكره أن أفضل فرق العمل الفرق التي تحتوي على الأنماط الثلاثة, فيتوافر فيها الخيال والإبداع والمنطق والواقعية.

كيفية معرفة النظام التمثيلي للشخص:


يمكن اكتشاف النظام التمثيلي للآخرين من خلال عدة مؤشرات أهمها :
      ·        اللغة.
      ·        حركات الأعين.
      ·        نبرة الصوت .
      ·        السلوك.
فهذه المؤشرات تختلف في الشخص ذو النظام البصري عنها في الشخص ذو النظام السمعي وكلاهما يختلف عن مؤشرات الشخص ذو النظام الحسي.
السمعي يمكن أن يكون بصرياً أو حسياً بحسب السياقات، ولكن السياقات تنمي جانباً وتضعف آخر.
والبيئة لها تأثير في غلبة النمط فأهل المناطق التي بها أشجار وأزهار وألوان طبيعية مختلفة مثلاً يغلب عليهم النمط البصري.

فائدة اكتشاف النظام التمثيلي :


تكمن أهمية الأنظمة التمثيلية في كونها أداة سهلة وفعالة جداً يمكن لأي شخص أن يستخدمها في تحسين الاتصال بالآخرين، والتواصل معهم، وبالتالي حسن التفاهم معهم، وهي بذلك تمنح من يتقنها آفاقاً رحبة في الإقناع، وحسن المنطق، وإزالة الخلافات.

ويمكن ذكر أهم فوائد اكتشاف النظام التمثيلي بمايلي:


  1.  اكتشافك لنظامك التمثيلي سيمكنك من أن تفهم لماذا، وكيف تتصرف بسلوك معين.
  2.  اكتشافك للنظم التمثيلية للآخرين سيمكنك من تفهم كيف يمنطق الآخرون تجاربهم.

  3.  كما يمكنك من خلق توافق وتطابق معهم ويجعلك لا تحمِل الآخرين ما لا يطيقون.
  4.  وبذلك سيكون الآخرون على استعداد لفهمك وتقبل منطقك.

  5.  وسيكون لديك القدرة على تكوين اتصالات وعلاقات ناجحة مع الجميع.

  6.  القدرة على السيطرة على المشكلات في بكورها, واستطاعة حلها بشكل مناسب.

  7.  وعندما يجيد الإنسان فن التنقل بين الأنظمة التمثيلية المختلفة في خطابه، فإنه يجعل من حديثه متعة لكل من يستمع إليه، ومن يكن حاله كذلك تره يناغم بين كلماته، وتشعر بحرارة تعبيراته وتلحظ آثار ما يقول بادية على وجوه مستمعيه، ولقد فطن لتلك الحقيقة الخطباء وأصحاب الإعلانات المحترفون، الذين يصممون إعلانات بطريقة تشبع الحواس الخمس، فيشدون بذلك انتباه جميع الفئات.

  8.  معرفة النظام التمثيلي المفضل عند أحدهم يعني حسن التواصل معه بمجاراة هذا النظام، ومن يتقن مجاراة الآخرين بكلماته التي تنوع في لحن خطابها يملك قدرة أكبر على التواصل والتأثير في الآخرين والاستفادة منهم.


قواعد هامة لرصد الأنظمة التمثيلية:


     1-  يوجد لدى كل إنسان الأنظمة التمثيلية الثلاث، بمعنى أنه من المحال أن يكون الشخص بصرياً فقط، أو   سمعياً فقط، أو حسياً على الدوام، بل تظهر فيه الأنظمة الثلاث ولكن تظهر أحدها بوضوح أكبر من الأخرى،وفي بعض الحالات يغلب على الشخص نمط معين في بيئة من بيئاته ففي مكتبه له نظام، وإذا رجع إلى المنزل غلب عليه نمط آخر.
      2-   أننا نحكم على الشخص بأنه بصري، أو سمعي، أو حسي بناءً على ظهور خواص أحد الأنظمة فيه بشكل    أكبر من الأنظمة الأخرى.
     3-  الطبيعة الحسية موجودة في الجميع قد نجد من ليست له طبيعة سمعية أو بصرية ولكن يندر أن تجد من ليس له طبيعة حسية.
     4-  السمعي يستيقظ بالصوت لا بالضوء ويحب الألعاب الصوتية والطفل البصري يستيقظ بالضوء لا بالصوت      ويحب الألعاب ذات البهرجة في الأشكال والألوان والطفل الحسي يحب الألعاب الحركية.
     5-  يختلف ترتيب استخدام الأنظمة التمثيلية من شخص لآخر ولا يسير بشكل واحد عند الجميع ، فهناك مثلاً:
·        بصري، سمعي، حسي.
·        سمعي، بصري، حسي.
·        حسي، سمعي، بصري.
·        ... الخ
      6-  هناك درجات لكل نظام تبدأ من التطرف وتنتهي بالاتزان، فهناك مثلاً البصري المتطرف، البصري المتزن،  والبصري القريب جداً من السمعي، والبصري القريب جداً من الحسي، والبصري العالي.. الخ.

    7-   تنشأ مشكلات سوء فهم أو سوء علاقات بين الأنظمة المتطرفة ومثال على ذلك البصري المتطرف مع الحسي المتطرف، فالأول تأتي المشاعر والأحاسيس في ذيل اهتماماته بينما تكون المشاعر في رأس القائمة بالنسبة للثاني، فيتهم الأول (البصري المتطرف) الثاني (أي الحسي المتطرف) بالحساسية المفرطة دون داع ٍ أو بعدم الفهم أو أنه لم يتخلص من أحاسيس الطفولة ..الخ.
   بينما يتهم الحسي المتطرف البصري بجمود القلب وتحجر المشاعر وبالأنانية أو عدم تقديره للآخرين..والحقيقة أن كلاهما مخطئ وكلا الاتهامات خاطئة.
   فليس البصري بشخص متحجر القلب, وليس الحسي بشخص لم يستطع التخلص من مشاعر الطفولة. وكل ما    في الأمر أنهما متطرفان في أنظمتهما التمثيلية، وأن كلاهما لم يقدر نظام الآخر ولم يحترمه فنشأ سوء التفاهم. والأمر ذاته بالنسبة لأي نظام متطرف مع نظام آخر متطرف.


       8-   رصد الأنظمة ينبغي أن يأتي بعد عدة ملاحظات متكررة، ومتابعة دقيقة وتجريبية متكررة (بمعنى رصد   الطبع والسجية الغالبة على الشخص) وليس الرصد من أول وهلة أو تجربة معينة فقد تتدخل القيم العليا لدى   االشخص في تغيير نظامه المفضل في مواقف معينة, وفيمايلي مثال على ذلك:
  الشخص الحسي الذي يمتاز بالهدوء قد يكون في حالة من الثورة والسرعة والطاقة العالية لو كنت ترصد نظامه وهو يواجه قيمة عليا في حياته كأن تكون الشجاعة هي أحد قيمه العليا في الحياة وكان هناك موقف يتطلب الشجاعة فتجده أسرع حركة من الشخص البصري الذي تأتي الشجاعة في آخر قيمه العليا، فلو تم رصد نظامه من هذا الموقف لقلت أنه شخص بصري في حين أنه شخص حسي.


      9-  ليس هناك نظام أفضل من نظام، والأفضل هو الشخص المرن الذي يجيد التعامل مع كافة الأنظمة (يعني  يجيد التقمص) بصرف النظر عن نظامه الأصلي بصرياً كان أم سمعياً أم حسياً.



المراجع:

تم الاعتماد على صياغة هذه الدراسة على المراجع التالية:
·     "البرمجة اللغوية العصبية وفن الاتصال اللامحدود"، د. إبراهيم الفقي،2008،
·     "البرمجة اللغوية العصبية في ضوء السنة النبوية – دراسة تأصيلية موضوعية"، رسالة دكتوراه للباحث محمد علي محمد عوض،  الجامعة الإسلامية بغزة، 2018.
·     "لحن الخطاب في القرآن الكريم – دراسة في البرمجة اللغوية العصبية"، رسالة ماجستير للباحثة باهرة أيوب عبد الرحمن الشامي، كلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنية – 2009.
·     " درجة ممارسة النظام التمثيلي في الاتصال الإداري وعلاقتها بفعالية الأداء الإداري لدى مديري المدارس الحكومية في محافظة إربد"، بحث علمي منشور في المجلة الأردنية في العلوم التربوية، مجلد /12/، عدد /3/، 2016.
·     "مدى فعالية البرمجة اللغوية العصبية في علاج المخاوف المرضية"، رسالة دكتوراه للباحثة دنيا البرنس عادل عبد الرحمن – كلية التربية في جامعة الزقازيق – 2009.

·        www.nlpnote.com
·        www.nlpca.com
·        www.inlpta.co.uk
·        www.nlpacademy.co.uk


مروان المعلم / ماجستير بالاقتصاد المالي والنقدي
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع آفاق .

جديد قسم : البرمجة اللغوية العصبية

إرسال تعليق