الافتراضات المسبقة للبرمجة اللغُوية العصبية
مقدمة:
يضع علم
البرمجة اللغوية العصبية مجموعة من المسلمات تمثل نقطة ارتكاز رئيسية له ويبني
عليها نظرياته المختلفة تدعى الافتراضات.
هذه الافتراضات
ليست ثابتة، وعددها في تزايد مستمر، وهي فرضيات وليست قواعد ولا حقائق، ومن الخطأ
القول أنها قواعد أساسية للبرمجة، فهي تقوم بمهمة فتح آفاق العقل وتوسيع البصيرة.
ويُقصد بها المعتقدات والفرضيات شبه المؤكدة التي يشعر الممارس للبرمجة بأهميتها في إحداث التغيير المطلوب لتحقيق أهدافه.
وهي تشبه بشكل
كبير نظام تشغيل الحاسوب الذي ينظم الملفات ليسهل
عملية التشغيل، وبالتالي يمكن القول أن هناك نظام تشغيل مماثل وخاص موجود في
البرمجة اللغوية العصبية هو افتراضاته الأساسية، وبفضل مساعدة هذه الافتراضات،
يصبح من الممكن تشغيل نظام من التقنيات والعمليات والمهارات.
وهذه
الافتراضات بعضها يتعلق بالسلوك وبعضها يتعلق بالإدراك، لذلك فهي تمنح ممارس
البرمجة الصور والخطوط الإرشادية التي تمكنه من إنجاز
ما يريده بصورة سريعة ومتقنة.
أهم افتراضات البرمجة اللغوية العصبية:
1.
الخريطة ليست
هي الواقع.
2.
وراء كل سلوك
توجد نية إيجابية.
3.
احترام وتقبل
الآخرين كما هم.
4.
كل شخص لديه من
خبرات الماضي الإمكانيات اللازمة لإحداث التغيير الإيجابي في حاضره ومستقبله.
5.
يستخدم الناس
أحسن اختيار لهم في حدود الإمكانات المتاحة في ذلك الوقت.
6. لكل إنسان مستويان من
الاتصال: الواعي واللاوعي (الباطن).
7.
ليس هناك فشل
ولكن نتائج وخبرات.
8.
الشخص الأكثر
مرونة هو الذي يتحكم في الأمور.
9.
معنى الاتصال
هو النتيجة التي تحصل عليها.
10.
إذا كان أي
إنسان قادر على فعل أي شيء فمن الممكن لأي إنسان آخر أن يتعلمه ويفعله.
في مايلي شرح كل منها باختصار:
الفرضية الأولى: الخريطة ليست هي المنطقة (الصورة الذهنية للعالم ليست
هي العالم):
قال الله تعالى ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
"إن الخريطة هي إدراكك
بينما المنطقة هي الحياة"، هذا التعبير أطلقه العالم الرياضي البولندي الفرد
كورزبسكي للتأكيد على أن الإدراك غير الواقع.
كلنا يدرك العالم بخريطته الخاصة المتشكلة من المعلومات
التي نستقبلها عن طريق الحواس، واللغة التي نسمعها ونقرأها، والقيم والمعتقدات التي تستقر في النفس، فالخرائط في عقولنا مكونة من
صور وأصوات ومشاعر وأذواق وروائح، وبعض الخرائط خارج الوعي لا نحسها، ونحن نستجيب للخرائط
التي في عقولنا وليس للحقيقة نفسها.
فكلٌ
منا يختزن في رأسه الكثير والعديد من الخرائط والتي يمكن تقسيمها إلى فئتين
رئيسيتين:
- خرائط
خاصة بالأشياء كما هي أو الحقائق.
- وخرائط
خاصة بالأشياء كما ينبغي أن تكون أو القيم.
ومن هنا فإننا نقوم بتفسير
كل ما يمر بنا من تجارب وفقاً لهذه الخرائط الذهنية، وببساطة نفترض أن الطريقة
التي نرى بها الأشياء هي الطريقة التي هي عليها حقيقة أو الطريقة التي يجب أن تكون
عليها.
وأن الاتجاه العام للناس هو رؤية الأشياء
من خلال إدراكاتهم الفردية الخاصة، لذلك: يرى المتشائمون أن نصف الكوب فارغ بينما
يرى المتفائلون أن نصف الكوب مملوء. لاحظ كيف أن نفس الحقيقة يمكن أن تحرف أو
تترجم باختلاف الأشخاص.
كما تعني هذه الفرضية أيضاً أن ما يتشكل في الذهن من أشياء
هو أقل بكثير من صورته في الواقع، ولا تعني أن الصورة في الذهن مختلفة عنها في
الواقع، ولكنها تقل عنها بحكم أن ما يصل لأذهاننا من معلومات يكون قاصراً وغير
مكتمل بسبب قصور في عوامل إيصال المعلومات.
ويستفاد من هذه الفرضية احترام التباين في وجهات النظر بين
الناس وعدم التصادم مع الآخرين، وكذلك الافتراض أن المعلومات دائماً قاصرة وهذا
يجعلنا لا نقف عن حد معين لطلبها، وكذلك أنها تجعل الإنسان قادراً على تغيير
العالم من حوله بمجرد تغيير خريطته الذهنية.
وهذه الفرضية تفسر الظاهرة التي تحدث مع
أغلبنا وهي أننا في أحيان كثيرة نبحث عن شيء ما (مثل القلم) علماً أنه موجود في
أيدينا.
الفرضية الثانية: وراء كل سلوك نية إيجابية:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما
الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى".
ترى هذه الفرضية أن لكل فعل من أفعالنا
غرض واحد على الأقل، وهو أن ننجز شيئاً ذا قيمة بالنسبة لنا ويعود علينا بالنفع، فالبرمجة
اللغوية العصبية تميز وتفصل ما بين القصد الذي يكمن وراء الفعل والفعل نفسه، لذلك لا
بد من فصل السلوك عن نوايا الشخص، وعدم الحكم عليه من خلال نمط سلوكي واحد. فالشخص
ليس هو السلوك... وعندما يجد الشخص خياراً أفضل لسلوك ما يحقق أيضاً قصده الإيجابي
فإنه، وبدون شك، سيُقدِم على هذا الخيار.
ولا بد من أن ندرك النية التي تبرر
سلوكه، فذلك يساعدنا على معرفه القصد الإيجابي وراء السلوك ويساعد أيضاً على إحداث
التغيير إذا تمكننا من إيجاد سلوك جديد مع إبقاء النية الإيجابية.
إذاً عندما نتعامل مع الناس، من
الضروري أن نفصل بين سلوكهم ونواياهم، وإلا سوف نقع في شرك التعميمات، لذا تذكر ألا
تدع تصرفاً واحداً لإنسان يصبح إدراكك الكلي له، لأننا نحن في الحقيقة أكثر من
تصرف واحد، وفي النهاية من الأفضل التمسك بالاعتقاد أن وراء كل سلوك نية إيجابية.
وقد
قال أرسطو: "اعتقد أن الهدف من وراء كل علم وكل تساؤل، وكذلك كل نشاط ومواظبة،
هو قصد خير".
الفرضية الثالثة: احترام وتقبل الآخرين كما هم:
قال الله تعالى: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لا
نفضوا من حولك).
ترى البرمجة اللغوية العصبية أن كل شخص ينظر إلى الأمور من
وجهة نظره وأننا مختلفين في إدراكنا للأمور، لذلك فمن الأحرى بنا أن نحترم ونتقبل
الأخرين كما هم حتى يتسنى لنا إحداث اتصال قوي وإقامة ثقة واحترام فنتمكن من التواصل
الفعال معهم وإحداث تغيير إيجابي مرغوب.
ولكي يتم ذلك لا بد في البداية من تقبل الشخص كما هو ومن ثم نبحث
عن المجال المؤثر على هذا الشخص، فلكل عقلية باباً واسعاً مفتوحاً دائماً لكن لمن
يعرفه، فلكل البشر مجموعة من القيم والمعتقدات تحدد أنماط سلوكهم، فعند بناء
العلاقات لا بد من معاملة كل فرد على أنه مهم، وهو بالفعل كذلك، فلا يوجد إنسان
بلا أهمية، وتذكر أنك تستطيع إحداث المعجزات إذا ما كان لديك إيمان بالآخرين، وحتى
تحصل على أفضل ما لدى الآخرين، اختار أن تفكر وتؤمن بأفضل ما لديهم من أفكار
واتجاهات ومشاعر.
قالت مارج بيرس: "أن الحياة هي الهبة الأولى، والحب هو
الثانية والتفاهم الثالثة"، لذا فأجعل من ذلك قاعدة لحياتك، أقدم على محبة
وتفهم الآخرين وسوف تعيش حياة أسعد.
وأخيراً إذا كنت تريد أن تحدث تغييراً في الآخرين فأبدأ أولاً
في تغيير نفسك، لأنك ستجد صعوبة في أن تغير نفسك كما تريد أن تكون.
الفرضية الرابعة: كل شخص لديه من خبرات الماضي الإمكانيات اللازمة
لإحداث التغيير الإيجابي في حاضره ومستقبله:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اعملوا فكل ميسر لما خلق له).
كل واحد فينا لديه تجارب وخبرات إيجابية في حياته، وكل ما
علينا عمله هو تفعيلها، فالموارد الداخلية (مثل الثقة بالنفس والتي يتوجب علينا أن
نعززها) هي الأهم من الموارد الخارجية (مثل المال الذي قد لا نملكه لكن لو فعلنا
مواردنا الداخلية فلن يصبح توفره مشكلة)، فطاقات وقدرات وإمكانات الإنسان كبيرة
جداً ونحن لا نستخدم إلا الشيء البسيط منها والسبب أن الكثير منا لا يعرف هذه
القدرات.
فإذا
عاد الانسان بذاكرته إلى المواقف الإيجابية فإنه ينقل نفس المشاعر والأحاسيس الإيجابية
مما يساعده على اتخاذ قرارات إيجابية، وإذا عاد بذاكرته إلى المواقف السلبية
والتجارب السلبية فإنه بالتأكيد يستحضر المشاعر السلبية والتي ستؤثر حتماً على
قرارته.
الفرضية الخامسة: يستخدم الناس أحسن اختيار لهم في حدود الإمكانيات
المتاحة في وقت بعينه:
إن ما يفعله الشخص في لحظة معينة هو محصلة أو نتيجة لقيمه
ومعتقداته وتجاربه المتراكمة ومهاراته وسلوكياته في تلك اللحظة، فهو يقوم بأفضل
الخيارات المتاحة أمامه دائماً، وإذا ما قُدم له خياراً أفضل أو تعلم شيئاً جديداً
من سلوك وتصرفات وقيم واعتقادات فإنه بالتأكيد سيكون أمامه بدائل كثيرة تساعده على
الاختيار.
ولكي
تغير سلوكاً سيئاً لإنسان ما فإنه ينبغي أن يكون أمامه خيارات مغايرة، ومتى تم ذلك
فسوف يتغير سلوكه تبعاً لذلك، فالبرمجة العصبية اللغوية تساعد بتقنياتها أن تقدم
هذه الخيارات وتهتم بذلك اهتمام شديد ولا تنزع الاختيارات من أحد إطلاقاً ولأي
سبب, بل تقدم مزيداً منها.
الفرضية السادسة: لكل إنسان
مستويان من الاتصال: الواعي واللاواعي (الباطن):
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا غضب احدكم وهو قائم فليجلس،
فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع .
ذكر العالم النفسي جورج أ. ملر من جامعة هارفارد في الدراسة
التي أجراها عام 1956 أن: "سعة العقل الواعي محدودة، أما العقل اللاواعي ففي إمكانه
استيعاب ما يزيد عن 2 بليون معلومة في الثانية".
فكل إنسان يتصرف بناءً على ما يمليه عليه عقله (سواءً كان ذلك
عن وعي أو من دون وعي) وذلك حسب المعلومات والمعتقدات والقيم الموجودة لديه، فالمشاعر
والأفكار والسلوك كلها تنتج عن برمجة العقل الواعي للعقل اللاواعي.
يعتمد الإدراك على الحواس الخمس التي هي كالأبواب أو النوافذ
على العالم الخارجي الحقيقي تجمع المعلومات عنه، ويقوم العقل الواعي بفتح هذه الأبواب
وغلقها بطريقة متعاقبة ولكنها مستمرة أما العقل اللاواعي فيبقي الأبواب مفتوحة
طوال الوقت دون أن نعي ذلك وبالتالي فهو يسجل معلومات أكثر مما يسجله العقل الواعي
وكأنه نظام حراسة مستمرة لمدة أربع وعشرين ساعة لذا فإن ما يختزنه العقل اللاواعي أكثر
تعبيراً عن حقيقة العالم الخارجي.
إن الأفكار والحالات الذهنية التي تمر بها تنعكس على تعبيرات
وجهك وكذلك تنعكس على فسيولوجيتك وتحركات جسمك، فالتمثيل الداخلي أو التحدث مع
الذات سيؤثر على تعبيرات وجهك وتحركات جسمك وبالتالي ستؤثر على شعورك وأحاسيسك وعليه فإن فهمك يجعلك أكثر تحكماً في حالتك
الشعورية.
من فرضيات البرمجة
المتصلة بهذه الفرضية :
1- العقل والجسم مرتبطان بنظام
سبرناتى "حيوي ميكانيكي مغلق" ويؤثر كل منهما على الآخر:
العقل
والجسم جزءان لا يتجزأن من هذا النظام.. فلا يوجد عقل منفصل
ولا جسم منفصل.. فالعقل والجسم يعملان وكأنهما واحد ويؤثران في بعضهما بطريقة لا
انفصال فيها.. وأي شيء يحدث في جزء من هذا النظام المتكامل (الإنسان(
يؤثر في
باقي أجــزاء النظام.
فعندما تنظر إلى أعلى وتتنفس بشكل قوي، وترفع صوتك وتقول: "أنا
قوي، أنا واثق من نفسي" فهذا بلا شك سوف يؤثر إيجابياً في تفكيرك وتصوراتك
الداخلية للحياة.
وعندما
تشعر بالإرهاق البدني فإنك تدرك العالم بشكل يختلف عن إدراكك له في وقت الراحة.
وفي المقابل عندما تتذكر موقفاً إيجابياً وتتذكر جميع تفاصيل ذلك الموقف وبما
يصاحبه من مشاعر جميلة وتعيش هذا الموقف في هذه اللحظة بالذات فإنك ولا شك سوف
تشعر بنشاط وتغير في تنفسك وضربات قلبك، والعكس صحيح.
ولذلك فالفسيولوجيا (وضع الجسم ونمط التنفس وتوتر العضلات) والتصورات
الداخلية مرتبطتان تماماً، فكل منهما يؤثر على الآخر(فالجسم السليم في العقل السليم)،
ولذلك لكي تغير في تفكيرك وتفكير الآخرين فإنه عليك أن تلاحظ الوضع الجسماني أولاً
وتبدأ به، كما عليك أن تعلم أن الخواطر تصبح أفكاراً والأفكار تصبح أفعالاً
والأفعال تصبح عادات، وهذه العادات هي التي تحدد سير حياتك، ولذلك اجعل ما تركز
عليه دائماً إيجابياً.
وهذا معناه أن الإنسان يستطيع أن يغير طريقة تفكيره إما بطريقة
مباشرة
بتغيير طريقة تفكيره فعلاً، وإما
بتغيير حالته الفسيولوجية أو الشعورية. وبالمثل يستطيع
الإنسان أن يغير الفسيولوجيا والمشاعر بتغيير الطريقة التي يفكر بها. ولهذا عالج
رسول الله صلى الله عليه وسلم الغضب بالجلوس أو الاضطجاع رغم أن الغضب حالة شعورية
إلا أن التوجيه الكريم كان بتغير السلوك الجسدي فعن أبي ذر قال: إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: "إذا غضب أحدكم وهو قائم، فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا
فليضطجع "
2- العقل اللاواعي يوازن ويؤثر
في العقل الواعي:
في الواقع، يحتوي العقل اللاواعي على جميع ذكرياتك وبرامجك منذ
كنت جنيناً في الرحم، أي أن للعقل اللاواعي قدرة استيعاب لا محدودة على الإطلاق،
فكيفية برمجتك للاتصال خلال المراحل المتقدمة من العمر، وأيضاً ردود فعلك
الاعتيادية تجاه أشياء معينة وتصرفات محددة، فهذه البرامج كلها الموجودة منذ أمد
طويل هي التي تحدد طبيعة سلوكك، والأمر الجيد والإيجابي في ذلك هو أننا نستطيع
تبديل أي برنامج لنتمكن من التمتع بحياة أسعد.
إن العقل وبواسطة العقل اللاواعي يؤثر على عضلات الجسم كلها
بدون وعيك فهو في حالة اتصال مستمرة لا تنقطع، لاحظ نفسك عندما تكون في حالة حزن أو
سعادة ما هي أوضاعك الجسمانية؟ هل هي متشابهة أم أن هناك وضعية جسمانية للحزن وأخرى
للسعادة ؟ ولو دخلت في الحالة الجسمانية للسعادة ألا تجعلك تشعر بالسعادة؟ جرب ذلك
ولو من باب التمثيل عندها ستعرف أن لكل حالة نفسية وضعية جسمانية محددة .
ونستطيع ترقية الاتصال بأنفسنا وبالآخرين، فعقلك الواعي هو
الذي يتولى برمجة عقلك اللاواعي، فالبدء يكون بالتأثير على العقل الواعي وكذلك على
تقديرنا وتقيمنا للأشياء التي نقولها لأنفسنا ولغيرنا، وهو شيء لا مفر منه، ولذا
قم بإلغاء ومحو الأحاديث والأفكار السلبية واستبدلها بأخرى إيجابية جديدة.
الفرضية السابعة: ليس هناك فشل بل نتائج وخبرات :
قال الله تعالى : "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم".
تنص هذه الافتراضية الهامة على أن الحياة تجارب وليست فشلاً أو
نجاحاً، إن الذين يجتهدون يخطئون لكنهم يستمرون فينجحون، لكن الذين لا يجتهدون لا
يخطئون ولا يصيبون... إن الجهود تجارب نتتعلم منها حتى تحقق النجاح، والفشل أولى
خطوات النجاح.
تجعل هذه الافتراضية
من يمارس هذا العلم يستمر في الاجتهاد حتى يصل لمرماه.... إذا كنت تعمل ما تعمله
دائماً فستحصل على نفس النتائج، يعني إذا كنت مستمراً في فعل ما اعتدت عليه فسوف
تحصل على ما اعتدت عليه، عليك أن تغير وعليك أن تستمر كما فعل أديسون حتى اكتشف
المصباح الكهربائي، وتذكر أنه إذا لم تحقق هدفك في الوقت الحالي فهذا لا يعني فشلك
وإنما اكتسبت الخبرة والتي تساعدك للاستمرار وتحقيق أهدافك، فقد قام أديسون بــــ 999
محاولة غير ناجحة لكي يخترع المصباح الكهربائي ويقول في هذا السياق: "لست
أشعر ببرود الهمة، لأن كل محاولة خاطئة أتخلى عنها هي خطوة أخرى تقودني نحو الأمام،
فأنا لم أفشل لقد اكتشفت 999 طريقة لا يشتعل بها المصباح".
لا أهمية لعدد المرات التي تكون قد فشلت فيها في الماضي، كل ما
يهم هو كيف تستفيد من هذه التجارب. كما يقول الصينيون:
"يأتي النجاح من القرارات الصائبة،
والقرارات الصائبة تأتي من التقدير السليم للأمور، والتقدير السليم يأتي من
التجارب، والتجارب تأتي من التقدير الخاطئ للأمور".
الفرضية الثامنة: الشخص الأكثر مرونة يمكنه التحكم في الأمور:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء
إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه".
عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت:
"ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار ايسرهما، ما لم
يكن اثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه".
البرمجة
على المرونة تقي الإنسان من أن يُكسر، كما تجعله في إطار المقبول
من الناس، لأنهم
يحبون السهل اللين الهين، وتلين له قلوبهم وأعمالهم.
وعليه لا تنسى أن تظل مرناً في كل شيء تفعله، حيث أن المرونة
هي القوة وهي القدرة على التكيف الإيجابي مع الأحوال والأحداث بما يحقق الهدف
المطلوب، فالشخص الأكثر مرونة هو الأكثر تأثيراً ونجاحاً في بيئته ومجتمعه وبيته.
ظلت ذبابة تصطدم بنافذة مغلقة، مجهدة نفسها بالطيران نحو النافذة
دون أن تجد منفذاً للخروج، فهلكت الذبابة إجهاداً، بينما كان بالقرب من النافذة
باباً مفتوحاً كان السبيل إلى الحرية .. يدل سلوك كهذا على انعدام المرونة .. إذا
جاز التعبير يتصرف العديد من الناس كالذبابة، ويعيدون ويكررون أنماط السلوك
الفاشلة، ويقولون نفس الأشياء، ويفعلون ذات الأشياء، وفي النهاية يسودهم التعب والإجهاد
وأيضاً الإحباط.
ولكي تستطيع مواجهة التحديات وبطريقة إيجابية، فإنه من المهم أن
تكون مرناً لتجد أمامك فرصاً عديدة وتذكر أن تكرار نفس المحاولات التي لا تؤدي إلى
نتيجة لن تغير النتيجة مهما تكررت.
الفرضية التاسعة: معنى الاتصال هو النتيجة التي تحصل عليها:
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "رحم الله امرئ جب الغيبة عن
نفسه".
فالتواصل مع الناس ليس هدفاً بحد ذاته، الاتصال يعني تبادل المعلومات، ويتكون من رسالة ومرسل ومستقبل ووسط اتصال وأثر رجعي، والأثر الرجعي للرسالة التي نرسلها لشخص ما تعكس فعالية أو عدم فعالية اتصالنا، لذلك عليك أن تغير أفعالك أو اتصالاتك إذا أردت أن تحصل على نتائج مختلفة.
من إحدى المعتقدات الأساسية للبرمجة اللغوية العصبية إن نجاح
عملية اتصالك يمكن في الاستجابة التي تولدها، فالاستجابة في عملية الاتصال تعتمد
عليك باعتبارك المرسل فإذا أردت أن تقنع إنساناً ما بأن يفعل شيئاً ما ثم فعل شيئاً
آخر فإن الخطأ يكمن في عملية الاتصال حيث أنك لم تعثر على الطريق الذي تطلق من
خلاله رسالتك .
أحياناً نتساءل عن ظنون الناس بنا ما لذي يحركها في تلك
الاتجاهات؟ والحقيقة أن هذا هو مضمون رسالتك، لذلك مهما أمكن حمل نفسك مسؤولية فهم
الآخرين لرسالتك، فليس معنى اتصالاتك ما نويته وقصدته ولكن هو الرد والنتيجة التي
حصلته منها.
فهذه الفرضية تضع المسؤولية كاملة على عاتقنا، فهي تجعلنا نكف
عن القول (لقد أسأت الفهم) ويجعلنا نسأل بدلاً من ذلك كيف يمكنني أن أعبر عن هذه
النقطة بحيث تستجيب بالطريقة التي أريدها.
كما تذكرنا هذه الفرضية أيضاً بأن نتحقق من أن الاتصال ليس فقط
كلماتنا، ولكن أيضاً اتصالنا غير اللفظي يعطي الرسالة نفسها (اكتشف العالم النفسي
البرت مهارابيان من جامعة هارفارد أن "93% من عملية الاتصالات تكون غير
ملفوظة)، فطريقة تبليغ أفكارك سوف تحدد نوع الاستجابة التي تصلك، لذلك وجه رسالتك بوعي ويقظة فالعبارات ذات
المضمون اللفظي الواحد تحدث ردود فعل مختلفة نظراً لطريقة الاتصال.
...
إذا أنت تتحمل دائماً مسؤولية فهم الآخرين لرسالتك.....
الفرضية العاشرة: إذا كان أي إنسان قادراً على فعل أي شيء فمن الممكن
لأي إنسان آخر أن يتعلمه ويفعله :
قال الفيلسوف والإمبراطور الروماني ماركس اورليوس: "لا
تعتقد أن ما هو صعب عليك يعجز أي إنسان عن عمله، ولكن إذا كان شيئاً في مستطاع أي
إنسان، فأعتبر هذا الشيء في متناولك أيضاً".
طبعاً هناك قواعد تنطبق في هذه الحالة :
-
يجب أن تكون لديك رغبة قوية في التعلم.
-
يجب أن تباشر التعلم.
-
يجب أن تلزم نفسك بالتعلم تحت أية ظروف.
البرمجة اللغوية العصبية تنظر إلى قضية النجاح والتفوق على أنها
عملية يمكن صناعتها، وليست وليدة الحظ أو الصدفة. ذلك أن إحدى قواعد الهندسة
النفسية تقول: أنه ليس هناك حظ بل هو نتيجة, وليست هناك صدفة بل هناك أسباب
ومسببات. وهو علم ذو أهميّة كبيرة لكل الناس وخاصة للذين يريدون أن يغيروا عاداتهم
القبيحة ويؤثروا في غيرهم.
البرمجة اللغوية العصبية طريقة أو وسيلة تساعد الإنسان وتعينه
على تغيير نفسه: إصلاح تفكيره وتهذيب سلوكه وتنقية عاداته وشحذ همته وتنمية ملكاته
ومهاراته، وكذلك الهندسة النفسية طريقة ووسيلة تعين الإنسان على التأثير في غيره....
فوظيفة هذا العلم إذن وظيفتان ومهمته اثنتان: التغيير والتأثير. تغيير النفس
وتغيير الغير. وإذا ملك الإنسان هذين الأمرين فقد وصل إلى ما يريد ونال ما يطلب.
يقول المفكرون والقادة
ورجال التربية إنه يجب على الإنسان أن يكون مثابراً مجداً صبوراً متقناً لعمله
منظماً لوقته.... إلى أخر القائمة الطويلة من مفردات (الجودة) ولكنهم لم يقولوا
كيف يمكن للإنسان أن يفعل ذلك، علم النفس لا يهتم بالإجابة على هذا السؤال، أما هندسة
النفس الإنسانية فتجيب عليه ... علم النفس يناقش التشخيص ووضع الحلول دون أن يبيّن
الكيفية، أما البرمجة اللغوية العصبية فتناقش الكيفية وتهتم بها .
فالبرمجة اللغوية العصبية بنيت
على تمثيل الامتياز البشري فمعرفة ما الذي يقوم به المتميزون والمتخصصون ومن ثم
نمذجتهم تحصل على نتائج رائعة، وعليك اتباع الخطوات التي أوصلتهم للامتياز وعليك أيضاً
أن تحدد هدفك بدقة وأن تكون لديك الرغبة المشتعلة لتحقيقه، أو يمكنك أن تصل بطريقة
أسرع إذا ما قمت بنمذجة شخص لديه نفس الهدف واستطاع تحقيقه وتتبع طريقته وخطواته
حتى الوصول إلى نفس الهدف.
المراجع:
تم إعداد هذه المقالة بالاعتماد
على المراجع التالية:
-
"البرمجة
اللغوية العصبية وفن الاتصال اللامحدود"، د. إبراهيم الفقي،2008،
-
"البرمجة اللغوية العصبية في ضوء السنة
النبوية – دراسة تأصيلية موضوعية"، رسالة دكتوراه للباحث محمد علي محمد
عوض، الجامعة الإسلامية بغزة، 2018.
-
"العلاج النفسي عن طريق البرمجة اللغوية
العصبية"، رسالة دكتوراه للباحثة عائشة الخوري ، جامعة الإخوة منتوري
قسنطينة، 2010.
-
"فاعلية برنامج في البرمجة اللغوية
العصبية في خفض قلق المستقبل لدى طلبة جامعة الأقصى المنتسبين للتنظيمات بمحافظات
غزة"، محمد عسلية، وأنور البنا، بحث علمي منشور في مجلة جامعة النجاح للأبحاث (العلوم الانسانية(، مجلد 25 (5)، 2011.
-
"التأصيل الشرعي لفرضيات البرمجة اللغوية العصبية المتعلقة بالإدراك
والسلوك"، دراسة نقدية مقاصدية،
د. عامر خليل إبراهيم، مجلة الجامعة العراقية /183/ العدد 44ج1.
-
https://www.nlpacademy.co.uk
تعليقات: 0
إرسال تعليق