Environmental-Feasibility-Study1





استخدام التحليل الاقتصادي للأثر البيئي في تطوير دليل تقييم المشاريع

الجزء الأول

مقدمة:

إن نجاح المشروعات الاستثمارية يتوقف على الدراسة الدقيقة والموضوعية الشاملة والعميقة لهذه المشروعات بحيث يتم استخدام الموارد المتاحة أفضل استخدام ممكن ويتحقق ذلك من خلال دراسات جدوى المشروع الاستثماري من النواحي التسويقية، الفنية، الهندسية، المالية، الاقتصادية، البيئية، الاجتماعية لتقرير مدى نجاح المشروع في تحقيق الأهداف المطلوبة منه سواء كانت عوائد اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية أو....

وقد طرحت القضايا البيئية نفسها في السنوات الأخيرة بشكل كبير أدى بمعظم المفكرين والباحثين إلى بذل العديد من الجهود لمعالجة مشكلاتها بغية تحقيق التنمية المستدامة، التي تعتمد وبشكل أساسي على الاستخدام الرشيد للمصادر الطبيعية والبيئية وعلى تقليل الآثار البيئية السلبية بقدر الإمكان، فظهرت عدة تساؤلات حول العلاقة بين البيئة والأنشطة الاقتصادية والتنموية لمعرفة مدى تأثيرها على استمرار التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتم ملاحظة أن كل مشروع استثماري يرتبط بالبيئة التي يقام فيها، فهو يتأثر بالبيئة المحيطة به ويؤثر فيها، كما أن المشروع الاستثماري لا يمكنه البقاء منعزلاً عن البيئة، فبقاؤه واستمراره يتوقف على مدى قدرته على التعامل مع بيئته والتعايش معها، وما دامت البيئة التي ينشط فيها المشروع تتميز بالتغير السريع فلا بد من دراسة أثر المشروع على البيئة التي ينشط فيها[1].

أهمية البحث :

-  تحديد كيفية تفعيل دراسات الاستثمار وتجنب خسائر على الاقتصاد القومي والمجتمع وإعطاء نتائج أكثر دقة.

- الإجابة على الأسئلة التالية: ماذا يتضمن التحليل الاقتصادي للأثر البيئي للمشاريع وماهي منهجيته؟ وما هي المؤشرات المعتمدة عند استخدامه؟

محتويات البحث:

المبحث الأول: مفاهيم أساسية في التحليل الاقتصادي للأثر البيئي للمشاريع:

 أولاً: لمحة عن تاريخ نشوء كل من التحليل الاقتصادي وتقييم الأثر البيئي.

 ثانياً: بعض التعاريف الهامة المتعلقة بالتحليل الاقتصادي للأثر البيئي.

 ثالثاً: العلاقة بين التحليل الاقتصادي وتقييم الأثر البيئي للمشاريع.

 رابعاً: العلاقة بين دورة حياة المشروع والتحليل الاقتصادي والتقييم البيئي.

 خامساً: المشاكل الواجب تحديدها في بداية التحليل الاقتصادي للآثار البيئية للمشاريع.

المبحث الثاني: المنهجية المقترحة لإجراء التحليل الاقتصادي للأثر البيئي للمشروع:

 أولاً : العناصر الرئيسة في تصميم أنظمة تقييم الأثر البيئي.

 ثانياً: بعض الإرشادات العامة الواجب اتباعها عند إجراء التحليل الاقتصادي للأثر البيئي للمشروعات.

 ثالثاً: أهداف تقييم الأثر البيئي ومسؤولية إعداده.

 رابعاً: كيفية دمج التكاليف والفوائد البيئية في التحليل الاقتصادي.

 خامساً: مراحل تقييم الأثر البيئي:

              - المرحلة الأولى: تحديد ما إذا كان تقييم الأثر البيئي للمشروع ضروري أم لا.

              - المرحلة الثانية : تحديد نطاق تقييم الأثر البيئي.

              - المرحلة الثالثة: تقييم الآثار البيئية:

                                   أولاً: تحديد الآثار البيئية.

                                  ثانياً: تقييم الآثار البيئية.

              - المرحلة الرابعة: التخفيف وإدارة التأثير.

              - المرحلة الخامسة: الإدارة البيئية والرصد.

النتائج والتوصيات.

المراجع.


سأتناول في هذا الجزء المبحث الأول:

مفاهيم أساسية في التحليل الاقتصادي للأثر البيئي للمشاريع


المبحث الأول: مفاهيم أساسية في التحليل الاقتصادي للأثر البيئي للمشاريع:

بما أن المشكلة الاقتصادية الأساسية التي تواجه جميع الدول هي تخصيص موارد محدودة بطبيعتها، مثل الموارد الطبيعية، لمجموعة متنوعة من مختلف الاستخدامات، مثل الإنتاج والاستثمار، فإن دراسات الجدوى تعتبر من أهم الأدوات التي يستعملها متخذو القرارات الاقتصادية من أجل تحقيق أهداف عديدة، من بينها اختيار المشروعات الاستثمارية التي تحقق للمجتمع أعلى منفعة صافية على أساس تحديد المنافع والتكاليف الإجمالية لكل مشروع، مما يؤدي إلى تحقيق التخصيص الأمثل للموارد.

إن نجاح التنمية الاقتصادية يعتمد على الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية وبقدر الإمكان على الحد من الآثار البيئية السلبية لمشاريع التنمية، والتحليل الاقتصادي للأثر البيئي هو الأداة الرئيسية لتحقيق هذا الهدف، عن طريق إدخال المعلومات البيئية الحرجة في إجراءات تحديد وإعداد وتنفيذ المشاريع. ويستخدم التحليل الاقتصادي، من خلال المقارنة، لتحديد ما إذا كانت الفوائد الاقتصادية الشاملة للمشروع المقترح تتجاوز تكاليفها، وللمساعدة في تصميم المشروع بالطريقة التي تنتج معدل عائد اقتصادي قوي، فالآثار البيئية السلبية هي جزء من تكاليف المشروع، والآثار البيئية الإيجابية هي جزء من فوائدها، لذا، ينبغي أن تكون التأثيرات البيئية متكاملة إلى أقصى حد ممكن مع الجوانب الأخرى للمشروع في التحليل الاقتصادي[2].

 أولاً: لمحة عن تاريخ نشوء كل من التحليل الاقتصادي وتقييم الأثر البيئي:

 لمحة عن تاريخ نشوء تقييم الأثر البيئي:


إن التصنيع والتحضر السريع في البلدان الغربية، قبل الحرب العالمية الأولى، كانا السبب في الفقدان السريع للموارد الطبيعية، وقد استمر هذا الحال إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مما أدى إلى تزايد المخاوف حول التلوث، ونوعية الحياة والضغط البيئي. وفي أوائل الستينات، أدرك كل من الناس والمستثمرين أن المشاريع، التي كانت قيد التنفيذ، كانت تؤثر على البيئة والموارد والمواد الخام والناس، ونتيجة لذلك، شُكلت جماعات الضغط بهدف الحصول على الأداة التي يمكن استخدامها لحماية البيئة في أي تطور.وقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية الرد على هذه القضايا، فأنشأت قانون السياسة البيئية الوطنية في عام 1970 للنظر في هدفها من حيث حماية البيئة. وبالتالي أصبحت الولايات المتحدة أول دولة تسن تشريعات بشأن تقييم الأثر البيئي وهذه كانت هي المرة الأولى التي يصبح فيها تقييم الأثر البيئي (EIA) أداة رسمية لاستخدامها لحماية البيئة، ثم جاء مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة في ستوكهولم في عام 1972 ومن ثم الاتفاقيات اللاحقة أعطت تقييم الأثر البيئي طابع رسمي، في الوقت الحاضر كل الدول المتقدمة لديها قوانينها البيئية في حين أن معظم البلدان النامية لا تزال تعتمد على المقرضين الثنائيين والمتعددي الأطراف الذين ضمنوا متطلبات تقييم الأثر البيئي في معايير اختيار مشروعهم.[3]

 لمحة تاريخية عن التحليل الاقتصادي:


تمتد جذور دراسات الجدوى إلى تحليل المنافع- التكاليف Benefit Cost Analysis (BCA) عند بداية ظهوره، وترجع أول ممارسة لهذا التحليل، الذي يهدف إلى تخصيص الموارد في استخداماتها المثلى، إلى عام 1936 عندما صدر ما يسمى بقانون التحكم في الفيضان Flood control AC بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان هذا القانون يجيز إقامة مشروعات مقاومة الفيضان فقط إذا تفوقت منافعها على تكاليفها، ولم يحتوي هذا القانون بالطبع على القواعد الأساسية التي يتعين اتباعها عند تقييم المشروعات، حيث استند التحليل إلى مدخل اقتصاديات الرفاه، الأمر الذي فتح المجال ولأول مرة أمام تقييم المشروعات على أساس صافي المنفعة التي تحققها، والتقويم الاجتماعي لهذه المنفعة[4].

وظهر أول عمل يحتوي على المبادئ الأساسية لتحليل المنافع - التكاليف عام 1950 في صورة كتاب عنوانه "الممارسات المقترحة للتحليل الاقتصادي لمشروعات حوض النهر" وقامت بإعداد هذا الكتاب لجنة فيدرالية بالولايات المتحدة الأمريكية كلفت بذلك وعرف هذا العمل آنذاك بالكتاب الأخضر Green Book[5].

ويمكن القول أن منهجية التحليل الاقتصادي قد تم وضعها في أواخر الستينات وأوائل السبيعنات، عندما كان تدخل الحكومة في إنتاج السلع والخدمات شائعاً في ذلك الوقت، مما استدعت الضرورة إلى نشوء التحليل الاقتصادي للمشاريع بهدف توجيه قرارات الاستثمار الحكومية في إنتاج السلع والخدمات في بيئة اقتصادية كانت مشوهة للغاية[6].

 ثانياً - بعض التعاريف الهامة المتعلقة بالتحليل الاقتصادي للأثر البيئي:

  •  يقصد بكلمة الجدوى: "الفائدة أو العائد المتوقع حدوثه من المشروع وقد يكون هذا العائد مادياً أي ربحاً والذي سوف يعود على صاحب المشروع، وقد يكون اجتماعياً وهو الفائدة التي سوف تعود على المجتمع جراء القيام بالمشروع"[7]. أما الجدوى الاقتصادية فتعرف بأنها "الحالة التي يكون فيها الفوائد الاقتصادية تتجاوز التكاليف الاقتصادية".[8]
  • دراسة الجدوى الاقتصادية هي " تحليل مفصل للمشروع، وتركيب وصفي يحدد المشروع بوضوح ومدى ارتباطه بالبيئة الخارجية. فمستوى التعمق في جميع المجالات (التجارية والفنية والمالية وصلتها مع البيئة) يوفر معلومات كافية للمستثمرين المحتملين، والممولين والكفلاء ووكالات الترخيص لتقرر هل من الممكن المضي قدماً في المشروع أو لا".[9]
  • التحليل الاقتصادي: هو "محاولة لقياس أثر مشروع الاستثمار على الاقتصاد الوطني أو الإقليمي وعلى البيئة الاجتماعية"[10], أما بنك التنمية الآسيوي فقد عرفه بأنه: "محاولة لتقييم الأثر الإجمالي للمشروع على الرفاه الاقتصادي للمواطنين في البلد المعني"[11].

 أوجه التشابه والاختلاف بين التحليلين الاقتصادي والتجاري:

يتشابه كل من التحليل الاقتصادي والتحليل المالي للمشروع فكلاهما يهدفان إلى تحديد المنافع والتكاليف ومن ثم تقدير مؤشرات الربحية للمشروع الاستثماري المقترح[12]، إلا أن الاختلاف بينهما كبير، فالتحليل المالي يأخذ في اعتباره فقط الآثار النقدية المباشرة في حين يراعي عند التحليل الاقتصادي الآثار غير المباشرة القابلة وغير القابلة للقياس فضلاً عن الآثار المباشرة[13]، كما أن التحليل المالي تقتصر اهتماماته على عناصر التكاليف والإيرادات على مستوى المشروع بينما تتسع اهتمامات دراسات التحليل الاقتصادي لتشمل الآثار الخارجية والجانبية للمشروع مثل دراسة أثر المشروع على الموازين القومية كأثر المشروع على ميزان المدفوعات، على البيئة الطبيعية والاجتماعية..[14]

- مفهوم البيئة: عرف الدليل الصادرة عن وزارة البيئة السورية البيئة: "هي المحيط الذي تعيش فيه الأحياء من إنسان وحيوان ونبات، ويشمل الماء والهواء والأرض وما يؤثر على ذلك المحيط"[15].

أما مؤتمر استكهولم فقد عرف البيئة[16]: بأنها "جملة الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لإشباع حاجات الانسان وتطلعاته". وقد تم تقسيم البيئة وفق توصيات هذا المؤتمر إلى ثلاثة عناصر هي: البيئة الطبيعية والبيئة البيولوجية والبيئة الاجتماعية. فالبيئة الطبيعية: تتكون من أربعة نظم مترابطة بشكل وثيق وهي الغلاف الجوي، الغلاف المائي، اليابسة، المحيط الجوي. أما البيئة البيولوجية: فتشمل الإنسان "الفرد" وأسرته ومجتمعه، وكذلك الكائنات الحية في المحيط الحيوي وتعد البيئة البيولوجية جزءاً من البيئة الطبيعية .في حين يقصد بالبيئة الاجتماعية ذلك الإطار من العلاقات الذي يحدد ماهية علاقة الإنسان مع غيره.

- تعريف التلوث البيئي: "عرفت منظمة التعاون والتنمية الأوروبية التلوث البيئي بأنه: قيام الإنسان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بإضافة مواد من شأنها إحداث نتائج ضارة، تعرض صحة الإنسان للخطر، أو تضر بالمصادر الحيوية أو النظم البيئية على نحو يؤدي إلى تأثيرها على أوجه الاستخدام أو الاستمتاع بمشروع البيئة"[17].

- أنواع الآثار البيئية: تشمل الآثار البيئية الأثر المحتمل على الهواء والماء والأرض، إضافة إلى ثلاثة في مجالات أخرى: صحة الإنسان، ورفاه الإنسان، والموارد البيئية[18].

- تقييم الأثر البيئي (EIA): نشاط يهدف إلى تحديد، تفسير، تنبؤ وتوصيل المعلومات عن تأثير عمل الإنسان، وباعتباره نشاط فله عدة جوانب: تحليلية وقانونية وإجرائية واتخاذ القرار، حيث أن تصرفات البشر التي تخضع لتقييم الأثر البيئي هي تلك التي بسبب حجمها أو أن نتائجها المتوقعة يمكن أن تكون خطرة لرفاه النظام البيئي (بما في ذلك البشر والمواد والأصول غير المادية) [19].

 ثالثاً- العلاقة بين التحليل الاقتصادي وتقييم الأثر البيئي للمشاريع:

عند تقييم المشروعات يتم إجراء كلاً من التحليل الاقتصادي والتحليل المالي للمشروع، والتحليل الاقتصادي يجب أن يتضمن بوضوح كلاً من منافع وتكاليف الآثار البيئية لمشروعات التنمية[20].

فالاندماج الناجح لكل من التقييم البيئي والتحليل الاقتصادي، يتطلب من كلاهما عند مرحلة التصميم الأخذ بالاعتبار احتياجات الآخر، فليس كل مؤشرات الضرر البيئي متعادلة من حيث استفادة التحليل الاقتصادي منها، فعلى سبيل المثال مقياس فقدان التربة في المناطق المتأثرة بالتآكل سيكون أقل فائدة من مقياس تغير الناتج في الإنتاجية الزراعية. ويجب إدراج هذه العلاقات المتداخلة منذ المراحل الأولى للمشروع[21] .

فالعلاقة بين التحليل الاقتصادي للمشاريع وتحليل الأثر البيئي تظهر بصورة واضحة من خلال الأسئلة الأساسية التي يجب الإجابة عليها عند إجراء التحليل الاقتصادي، ففي كل خطوة من خطواته يتوجب الإجابة على بعض الأسئلة التي تساعد في تصميم واختيار المشروع بشكل علمي ودقيق، إضافة إلى جمع المعلومات المطلوبة لاتخاذ قرار ما إذا كان سيتم المضي قدماً في المشروع أم لا، ومن ضمن هذه الأسئلة هي الأسئلة المتعلقة بالاستدامة البيئية للمشروع، والتي تعني أنه يمكن أن تُنتج مخرجات المشروع دون تغيير دائم وغير مقبول في البيئة الطبيعية طوال عمر المشروع[22]، حيث نجد أن استمرارية المشروع تتعزز إذا كانت الآثار البيئية للمشروع إيجابية، وعوائده المالية توفر حافز كاف للمنتجين والمستهلكين المرتبطين بالمشروع[23]، ومن أهم الأسئلة التي يمكن أن تطرح هي[24]:

هل تم تحديد الآثار البيئية للمشروع التكاليف والمنافع؟، هل تم تحديد هذه الآثار من حيث الكمية والقيمة؟، هل تم تحديدها بنفس الأرقام المستخدمة في التحليل الاقتصادي؟, هل تم دمجها في التحليل الاقتصادي من أجل الاختيار بين بدائل المشروع ومن أجل تقييم الجدوى الاقتصادية؟

إن تحديد الآثار في عملية التقييم البيئي غالباً لا تتحول إلى قيم نقدية، فأهم الأسباب الرئيسية وراء ضعف الارتباط بين التقييم البيئي والتحليل الاقتصادي هو فقدان الإرشادات المفيدة لتحويل الآثار المادية إلى قيم نقدية[25]، إضافة إلى أن التكاليف الإضافية، والتأخير الممكن في تنفيذ المشاريع، وعدم وجود الخبرات البشرية لتقييم الآثار البيئية كلها تعتبر من العقبات الرئيسية لدمج تقييم الأثر البيئي في التخطيط للمشروع.[26]

 رابعاً- العلاقة بين دورة حياة المشروع والتحليل الاقتصادي والتقييم البيئي:

يتم تطبيق تقييم الأثر البيئي للمشاريع الجديدة وجوانب التوسعة للمشاريع القائمة على عكس التدقيق البيئي الذي يتم على المشاريع القائمة، كما يجب أن يتم تقييم الأثر البيئي في وقت مبكر جداً من مرحلة دراسة الجدوى للمشروع، وبعبارة أخرى، يجب أن ينظر إلى تقييم الأثر البيئي باعتباره جزءً لا يتجزأ من عملية التخطيط للمشروع ودراسة جدواه الشاملة[27] ، بحيث يتم دمج النتائج التي توصل إليها التقييم البيئي مباشرة في تصميم المشروع، أما في حال إعداد التقييم البيئي بشكل منفصل من قبل المتخصصين، ينبغي أن يكون المتخصصين على اتصال وثيق ومستمر مع فريق إعداد جدوى المشروع[28]. يوضح الجدول التالي دور كل من التقييم البيئي والتحليل الاقتصادي البيئي في دورة حياة المشروع[29]:

جدول رقم (1): العلاقة بين دورة حياة المشروع والتحليل الاقتصادي والتقييم البيئي:

مرحلة المشروع
نشاط تقييم البيئي
نشاط التحليل الاقتصادي المرافق
الإعداد
الفحص البيئي
يتم تقديرالتكاليف والفوائد البيئية وفق أسس أولية
اختيار فريق التقييم البيئي
فريق التقييم البيئي يتضمن الااقتصاديين أو....حسب الحاجة
إعداد التقييم البيئي
يقوم فريق التقييم البيئي بتحليل تأثير بدائل المشروع ومقارنتها،باستخدام القيم النقدية لتكاليفها وفوائدها، حيث كان ذلك ممكناً
مراجعة التقييم البيئي
يتم مراجعة تقرير التقييم البيئي بما في ذلك التحليل الاقتصادي
التقييم
دمج التقييم البيئي في تقرير المشروع ووثائقه
تدمج نتائج التقييم البيئي، بما في ذلك التكاليف والفوائد البيئة، داخل التحليل الاقتصادي للمشروع وتقدير معدل العائد الاقتصادي
المفاوضات
الاتفاقات المبرمة بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها، استناداً الى النتائج التي توصل اليها التقييم البيئي

التنفيذ
الإشراف البيئي
الإشراف يتضمن مراقبة التكاليف والفوائد البيئية الفعلية للمشروع


 خامساً- المشاكل الواجب تحديدها في بداية التحليل الاقتصادي للآثار البيئية للمشاريع:

هناك ثلاث مفاهيم أساسية تعتبر من المشاكل الواجب تحديدها في بداية التحليل الاقتصادي للآثار البيئية للمشاريع وهي[30]:

1- اختيار تقنية لتقييم الأثر البيئي للمشروع: يعتمد اختيار التقنية على: حجم وتعقيد البدائل الرئيسية والمقترحة، مدى ومجال العلاقة المتبادلة بين الآثار المحتملة، توفر الوسائل المناسبة، تجربة فريق تقييم الأثر البيئي مع استخدامها، الموارد المتاحة - التكلفة، والمعلومات، والوقت، والأفراد.

  • يتم استخدام أساليب بسيطة في الحالات التالية: عندما يكون الاقتراح غير قابل للجدل، البيانات المتاحة من الحالات المماثلة، التأثيرات المباشرة محددة الموقع، الوقت القصير، ميزانية منخفضة
  • يتم استخدام أساليب متقدمة في الحالات التالية: الاقتراح معقد ومثير للجدل، حالات مقارنة قليلة، كمية كبيرة من البيانات المجمعة، الآثار مترابطة، والآثار التراكمية محتملة[31]

إضافة الى ذلك هناك بعض المعايير الأخرى الواجب أخذها بالاعتبار عند اختيار تقنية لتقييم الأثر البيئي للمشروع وهي[32]:

  •  تتراوح أساليب تقييم الأثر البيئي من البسيط إلى المعقد، وتتطلب أنواع وتنسيقات مختلفة من البيانات، ومستويات مختلفة من الخبرة والتطور التكنولوجي لتفسيرها، ومستويات مختلفة من الدقة واليقين. وينبغي النظر في جميع هذه العوامل عند اختيار الأسلوب. 
  •  يواجه من يقوم بتقييم الأثر البيئي، كم هائل من المعلومات الخام، عادة تكون غير منظمة, والتي يجب جمعها وتحليلها في إعداد تقرير تقييم الأثر البيئي، وبالتالي فإن أفضل الطرق هي الطرق القادرة على: تنظيم كتلة كبيرة من البيانات غير المتجانسة، السماح بتلخيص البيانات، تجميع البيانات إلى مجموعات أصغر مع أقل قدر من فقدان المعلومات، عرض البيانات الخام والمعلومات المستمدة بطريقة مباشرة وذات الصلة.
  •  كما ينبغي النظر، عند اختيار الأسلوب، في احتياجات الجمهور المستهدف، ويعتبر الأسلوب مناسباً عندما يطبق بمهارة، ويحقق توفير في الوقت والمال، ويمكن القول أن اختيار أساليب التقييم، يساعد على فهم المنظورين الكامنين من فائدة تقييم الأثر البيئي، فمن وجهة نظر الأولى، تقييم الأثر البيئي هو أسلوب لتحليل آثار أنشطة المشروع، ومن وجهة نظر ثانية، تقييم الأثر البيئي هو في المقام الأول فرصة للسماح للمجموعات التي يحتمل أن تتأثر (السكان، ووكالات التنمية، وأنصار المشروع) في المشاركة في عملية صنع القرار.

2- من الضروري، ولجميع أنواع المشاريع، تحديد حدود التحليل الاقتصادي، لأن معظم الآثار البيئية تشمل عوامل تتجاوز حدود المشروع ، فموضوع إلى أي مدى يجب توسيع التحليل الاقتصادي يعتبر من المسائل الهامة، على سبيل المثال، في التعامل مع الآثار الناجمة عن مياه الصرف الصحي، فحدود آثار المصب تحتاج إلى أن يتم الاتفاق عليها، فهل ينبغي أن تشمل منطقة التأثر الحالية أو يجب تجاوز ذلك للأخذ بالحسبان التأثيرات على الري والصيد ومياه الشرب والتي في كثير من الأحيان تكون وراء الحدود الوطنية.


3- من الضروري أيضاً تحديد الفترة الزمنية الملائمة، فهناك عدد من التأثيرات تكون مباشرة أو داخل حياة أصول المشروع، في حين أن هناك آثار وراء حياة المشروع.



مراجع الجزء الأول:


[1] أحمد عبد الرحيم زريق، محمد سعيد بسيوني، "مبادئ دراسات الجدوى الاقتصادية كود رقم 123"، كلية الاقتصاد جامعة بنها، 2011، ص 84


[2] Environment Department, The World Bank, "Environmental Assessment Sourcebook UPDATE, Economic Analysis and Environmental Assessment", 1998, P1 (http://www.worldbank.org) 


[3] Achieng Ogola "ENVIRONMENTAL IMPACT ASSESSMENT GENERAL PROCEDURES" Presented at Short Course II on Surface Exploration for Geothermal Resources, organized by UNITED NATIONS UNIVERSITY (UNU) - GEOTHERMAL TRAINING PROGRAMME (GTP ) and Kenya Electricity Generating Co,Ltd (KenGen,) at Lake Naivasha, Kenya, 2007, p 1 


[4] واثق حمد أبو عمر، "أساسيات دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية تقييم المشروعات الخاصة والعامة"، سلسلة الرضا للتنمية الإدارية، دمشق، 2003، ص 165


[5] سعد طه علام ، "دراسات الجدوى وتقييم المشروعات"، دار الفرقد للطباعة والنشر، سورية, 2006، صفحة 256


[6] Pedro Belli, "Is Economic Analysis of Projects Still Useful?" , World Bank, Operations Policy Department, 1996, p 1 


[7] محمد هيكل، " مهارات إدارة المشروعات الصغيرة", مجموعة النيل العربية ، القاهرة, الطبعة الأولى 2007 ، ص 34


[8] European Chemicals Agency, "Guidance on Socio-Economic Analysis –Restrictions", 2008, p 13 


[9] UNIDO, "Investment Project Preparation and Appraisal - IPPA Teaching Materials - Module 1: Overview", 2003, p 6 


[10] UNIDO, "Investment Project Preparation and Appraisal - IPPA Teaching Materials - Module 5: Economic Analysis", 2003, p 1 


[11] Asian Development Bank, "Guidelines For The Economic Analysis Of Projects", Economics and Development Resource Center, 1997, p 9 


[12] مدحت القريشي، "دراسات الجدوى الاقتصادية وتقييم المشروعات الصناعية"، دار وائل للنشر، الأردن، 2009، ص 118


[13] يحيى غني النجار، "تقييم المشروعات تحليل معايير ومؤشرات دراسات الجدوى وتقييم كفاءة الأداء"، دار دجلة، الأردن 2010، ص294


[14] صلاح الدين السيسي، دراسات الجدوى الاقتصادية وتقييم المشروعات بين النظرية والتطبيق، دار الفكر العربي، القاهرة، 2003، ص 121


[15] وزارة البيئة السورية: التعليمات التنفيذية لإجراءات تقويم الأثر البيئي المعتمدة بالقرار رقم /818/ ق/ و تاريخ 21/7/2013


[16] www.bee2ah.com/ مؤتمر البيئة العالمي


[17] محمد صالـح الشيـخ، "الآثـار الاقتصاديـة و الماليـة لتلـوث البيئـة و وسائـل الحمايـة منهـا"، مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، الاسكندرية، 2002، ص: 48-49


[18] Asian Development Bank, "Guidelines For The Economic Analysis Of Projects", Economics and Development Resource Center, 1997, p 169 


[19] A. G. Colombo "Environmental Impact Assessment", Commission of the European Communities, Kluwer Academic Publishers, The Netherlands,1992, p 53 


[20] سعد طه علام ، مرجع سابق، ص 139


[21] Environment Department, The World Bank, "Environmental Assessment Sourcebook UPDATE, Economic Analysis and Environmental Assessment", 1998, P2 (http://www.worldbank.org) 


[22] Idem /18/, p 187 


[23] Idem /18/, p 5-6 


[24] Idem /18/, p 54 


[25] Idem /21/, p 1 


[26] Julio Guzman Martínez, "INCORPORATION OF ENVIRONMENTAL SUSTAINABILITY IN COST-BENEFIT ANALYSIS FOR DEVELOPMENT PROJECTS", Inaugural dissertation for obtaining the doctoral degree in the Faculty of Agricultural Sciences, Nutritional Sciences and Environmental Management, Justus-Liebig-University, Giessen, German, 2001, P 142 


[27] Achieng Ogola "ENVIRONMENTAL IMPACT ASSESSMENT GENERAL PROCEDURES" Presented at Short Course II on Surface Exploration for Geothermal Resources, organized by UNITED NATIONS UNIVERSITY (UNU) - GEOTHERMAL TRAINING PROGRAMME (GTP ) and Kenya Electricity Generating Co,Ltd (KenGen,) at Lake Naivasha, Kenya, 2007, p 5 


[28] Environment Department, The World Bank, "Environmental Assessment Sourcebook UPDATE, Economic Analysis and Environmental Assessment", 1998, P 27 (http://www.worldbank.org) 


[29] Idem /28/, P 2 


[30] Asian Development Bank, "Guidelines For The Economic Analysis Of Projects", Economics and Development Resource Center, 1997, p 167


[31] Barry Sadler , Ron Bisset, Environmental Impact Assessment and Strategic Environmental Assessment: Towards an Integrated Approach, The United Nations Environment Programme (UNEP),2004, p 50


[32] Bindu N. Lohani / J. Warren Evans "Environmental Impact Assessment for Developing Countries in Asia", Asian Development Bank, 1997 , p 3-1/3-2
مروان المعلم / ماجستير بالاقتصاد المالي والنقدي
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع آفاق .

جديد قسم : دراسة الجدوى البيئية

إرسال تعليق